هل يشترط في طاعة الإمام أن يكون الخليفة على سائر البلدان ؟

 

قال الصنعاني في سبل السلام ( 2 / 374 ) : (( وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة ومات فميتته ميتة بكسر الميم مصدر نوعي جاهلية» أخرجه مسلم

 قوله : عن الطاعة : أي طاعة الخليفة الذي وقع الاجتماع عليه وكأن المراد خليفة أي قطر من الأقطار إذ لم يجمع الناس على خليفة في جميع البلاد الإسلامية من أثناء الدولة العباسية بل استقل أهل كل إقليم بقائم بأمورهم.

 إذ لو حمل الحديث على خليفة اجتمع عليه أهل الإسلام لقلت فائدته.))

 

و قال الشوكاني في السيل الجرار ( 4 / 512 ) : ((وأما بعد انتشار الإسلام واتساع رقعته وتباعد أطرافه فمعلوم أنه قد صار في كل قطر أو أقطار الولاية إلى إمام أو سلطان و في القطر الآخر أو الأقطار كذلك ولا ينفذ لبعضهم أمر ولا نهي في قطر الآخر وأقطاره التي رجعت إلى ولايته

فلا بأس بتعدد الأئمة والسلاطين ويجب الطاعة لكل واحد منهم بعد البيعة له على أهل القطر الذي ينفذ فيه أوامره ونواهيه وكذلك صاحب القطر الآخر فإذا قام من ينازعه في القطر الذي قد ثبتت فيه ولايته وبايعه أهله كان الحكم فيه أن يقتل إذا لم يتب ولا تجب على أهل القطر الآخر طاعته ولا الدخول تحت ولايته لتباعد الأقطار فإنه قد لا يبلغ إلى ما تباعد منها خبر إمامها أو سلطانها ولا يدرى من قام منهم أو مات فالتكليف بالطاعة والحال هذه تكليف بما لا يطاق

وهذا معلوم لكل من له اطلاع على أحوال العباد والبلاد فإن أهل الصين والهند لا يدرون بمن له الولاية في أرض المغرب فضلًا عن أن يتمكنوا من طاعته وهكذا العكس

 

وكذلك أهل ما وراء النهر لا يدرون بمن له الولاية في اليمين وهكذا العكس فاعرف هذا فإنه المناسب للقواعد الشرعية والمطابق لما تدل عليه الأدلة ودع عنك ما يقال في مخالفته فإن الفرق بين ما كانت عليه الولاية الإسلامية في أول الإسلام وما هي عليه الآن أوضح من شمس النهار ومن أنكر هذا فهو مباهت لا يستحق أن يخاطب بالحجة لأنه لا يعقلها . ))