العمل جزء من الإيمان ، لا شرطه

 

استشكل بعض إخواني كون العمل جزءا من الإيمان مع أنَّ الله عطفه عليه في مواضع من كتابه منها قوله ـ تعالى ـ (( الذين ءامنوا و عملوا الصالحات ))

مع أن العطف يفيد المغايرة و هذا يقتضي أن العمل ليس هو الإيمان ، و ليس هو جزؤه ، لأن العطف يفيد المغايرة .

قلت : و هذه الشبهة قديمة يرددها المرجئة استدلالاً على خروج العمل من مسمى الإيمان .

و بيان ضعف هذه الشبهة في أمرين :

الأول : التسليم بأن العطف في لغة العرب يفيد المغايرة لا ريب في ذلك لكن إفادة العطف للمغايرة أنواع أربعة :

الأول : المباينة بين المعطوف و المعطوف عليه ، فلا يكون أحدهما هو الآخر ، و لا جزؤه ، و لا لازمه ، و منه قوله ـ تعالى ـ : (( خلق السماوات و الأرض ))

فليس أحدهما هو الآخر ، و لا جزؤه ، و لا لازمه .

الثاني : أن يكون المعطوف جزء المعطوف عليه ( عطف بعض الشيء على نفسه ) ، و منه قوله ـ تعالى ـ : (( حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى ))

فالصلاة الوسطى بعض الصلاة .

الثالث : أن يكون المعطوف لازم المعطوف عليه ، و منه قوله ـ تعالى ـ : (( و لا تلبسوا الحق بالباطل و تكتموا الحق ))

فلازم لبس الحق بالباطل كتمان الحق .

الرابع : عطف الشيء على نفسه لاختلاف الصفة ، و منه قوله ـ تعالى ـ : (( سبح اسم ربك الأعلى . الذي خلق فسوى . و الذي قدر فهدى . و الذي أخرج المرعى ))

فالذي خلق فسوى ، هو الذي قدر فهدى ،و هو الذي أخرج المرعى فعطف الشيء على نفسه لاختلاف الصفة .

و انظر لطفًا كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية ( ص 163 ـ 168 ) .

الآخر : بيان أن عطف العمل على الإيمان من النوع الثاني يؤكد ذلك قوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ الإيمان بضع و سبعون شعبة : أعلاها : قول : لا إله إلا الله ، و أدناها : إماطة الأذى عن الطريق ، و الحياء شعبة من الإيمان ))

 

فجعل الإيمان الأصل ، و قول اللسان (قول : لا إله إلا الله ) ، و عمل الجوارح (إماطة الأذى عن الطريق ) ، و عمل القلب (الحياء ) شعبه أي : أجزاؤه .