أقسام الجهال ، و تنوع أحكامهم
قال شيخ الإسلام أبو عبد الله ، شمس الدين ، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز بن مكي الزُّرعي الدمشقي الحنبلي ، المعروف بـ : ابن قيّم الجوزية (المتوفى: 751هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ في " الطرق الحكمية " (ص 255 ) :
(( فأما أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام و لكنهم مخالفون في بعض الأصول :
كالرافضة ، و القدرية ، و الجهمية ، و غلاة المرجئة ، و نحوهم فهؤلاء أقسام :
أحدها : الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له ، فهذا لا يكفر ولا يفسق ولا ترد شهادته
ـ إذا لم يكن قادرًا على تعلم الهدى
ـ و حكمه حكم المستضعفين من الرجال والنساء و الولدان الذين لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلًا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوًا غفورًا .
القسم الثاني : المتمكن من السؤال ، و طلب الهداية ، و معرفة الحق ، و لكن يترك ذلك اشتغالًا بدنياه ، و رياسته ، و لذته ، و معاشه ، و غير ذلك
ـ فهذا مفرط مستحق للوعيد
ـ آثم بترك ما وجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته
ـ فهذا حكمه حكم أمثاله من تاركي بعض الواجبات
ـ فإن غلب ما فيه من البدعة و الهوى على ما فيه من السنة و الهدى ردت شهادته
ـ و إن غلب ما فيه من السنة و الهدى قبلت شهادته
القسم الثالث : أن يسأل و يطلب و يتبين له الهدى ويتركه تقليدًا وتعصبًا أو بغضًا أو معاداة لأصحابه
ـ فهذا أقل درجاته أن يكون فاسقًا
ـ و تكفيره محل اجتهاد وتفصيل
ـ فإن كان معلنًا داعية ردت شهادته ، و فتاويه و أحكامه مع القدرة على ذلك
ـ و لم تقبل له شهادة ولا فتوى ولا حكم إلا عند الضرورة
ـ كحال غلبة هؤلاء و استيلائهم
ـ و كون القضاة ، و المفتين ، والشهود منهم ففي رد شهادتهم ، و أحكامهم إذ ذاك فساد كثير ، ولا يمكن ذلك فتقبل
للضرورة . ))