مراتب الأخذ بالأدلة عند الإمام الشافعي
و قوله في مذهب الصاحب
قال الشافعي في الأم ( 7 / 246 ) و قد أخرج البيهقي بعضه في المعرفة ( 1 / 183 الفقرات : 317 إلى 320 ) :
[ ـ أقول ما كان الكتاب و السنة موجودين فالعذر عمن سمعهما مقطوع إلا باتباعهما .
ـ فإذا لم يكن ذلك صرنا إلى أقاويل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم –
ـ أو واحد منهم
ـ ثم كان قول الأئمة أبي بكر أو عمر أو عثمان
إذا صرنا فيه إلى التقليد أحب إلينا
و ذلك إذا لم نجد دلالة في الاختلاف تدل على أقرب الاختلاف من الكتاب والسنة فيتبع القول الذي معه الدلالة لأن قول الإمام مشهور بأنه يلزمه الناس ومن لزم قوله الناس كان أشهر ممن يفتي الرجل أو النفر وقد يأخذ بفتياه أو يدعها وأكثر المفتين يفتون للخاصة في بيوتهم ومجالسهم ولا تعنى العامة بما قالوا عنايتهم بما قال الإمام
ـ وقد وجدنا الأئمة يبتدئون فيسألون عن العلم من الكتاب و السنة فيما أرادوا أن يقولوا فيه ويقولون فيخبرون بخلاف قولهم فيقبلون من المخبر و لا يستنكفون على أن يرجعوا لتقواهم الله وفضلهم في حالاتهم
ـ فإذا لم يوجد عن الأئمة فأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الدين في موضع أخذنا بقولهم وكان اتباعهم أولى بنا من اتباع من بعدهم .
ـ و العلم طبقات شتى :
الأولى : الكتاب والسنة إذا ثبتت السنة
ـ ثم الثانية : الإجماع فيما ليس فيه كتاب ولا سنة
ـ و الثالثة : أن يقول بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا نعلم له مخالفًا منهم
ـ والرابعة : اختلاف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك
ـ الخامسة : القياس على بعض الطبقات
ـ و لا يصار إلى شيء غير الكتاب والسنة وهما موجودان
ـ و إنما يؤخذ العلم من أعلى
ـ و بعض ما ذهبتم إليه خلاف هذا ، ذهبت إلى أخذ العلم من أسفل قال فتوجدني بالمدينة قول نفر من التابعين متابعًا الأغلب الأكثر من قول من قال فيه
نتابعهم وإن خالفهم أحد منهم كان أقل عددًا منهم فنترك قول الأغلب الأكثر لمتقدم قبله أو لأحد في دهرهم أو بعدهم . ]
معنى التقليد في لسان الشافعي
قال البيهقي في كتاب اختلافه مع مالك :
[ وَ لَا تَسْتَوْحِشْ مِنْ لَفْظَةِ التَّقْلِيدِ فِي كَلَامِهِ ، وَتَظُنَّ أَنَّهَا تَنْفِي كَوْنَ قَوْلِهِ حُجَّةً بِنَاءً عَلَى مَا تَلَقَّيْتُهُ مِنْ اصْطِلَاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ التَّقْلِيدَ قَبُولُ قَوْلِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ ، فَهَذَا اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ .
وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعِ مِنْ كَلَامِهِ بِتَقْلِيدِ خَبَرِ الْوَاحِدِ ،
فَقَالَ : قُلْت : هَذَا تَقْلِيدًا لِلْخَبَرِ .
وَأَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ كُلُّهُمْ عَلَى قَبُولِ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ . ]